السلام عليكم
ليس من شك في أن المرأة نصف المجتمع، وأن لها دوراً مهماً في بعض المجالات كالتمريض والتدريس والخدمة الاجتماعية. ولقد أدت المرأة العربية المسلمة دوراً مُشرِّفاً منذ فجر التاريخ الإسلامي. فشاركت في الحروب بحمل السلاح وخوض المعارك، كما شاركت في تضميد الجراح، وتشجيع المقاتلين.
وجاء الخلف من النساء، وطالبت المرأة بما لها من حقوق كفرد في المجتمع كعضو يجب أن يكون نافعاً.
والمرأة حينما نزلت إلى ميدان العمل إنما تريد إثبات وجودها بتقديم الخدمات لمجتمعها ومواطنيها بكل أمانة وجد. ولكن تكوينها وطبيعتها كأنثى ألقى عليها من المسؤوليات ما ليس على الرجل.. كل هذا جعلها عرضة للإنهاك الجسدي والفكري، كما جعل بيتها وأطفالها عرضة للهدم والضياع.
قد أجد بين بنات جنسي من تخالفني الرأي.. كثيرات هن اللاتي سيثرن علي وسيتهمونني بعقم التفكير، ولكنني كعاملة ومسؤولة عن زوج وبيت وأطفال لا أتحدث إلا من واقع تجربة مررت بها وما زلت.
وقد يتساءل بعضهم: لماذا أعمل ما دامت ظروفي لا تمكنني من تحمل مثل تلك المسؤولية؟ فأجيب: بأن المسئولية التي تثقل كاهل المرء وتجعله في وضع قد لا يستطيع معه تحمله. هي التي تجره إلى الاستمرار، والمقاومة. ومحاولات التوفيق بين العمل داخل البيت وخارجه قد تكون خائبة إلى حد ملموس، وليس معنى هذا -أنني خبت بين مسؤوليتي البيتية ومسؤوليتي كموظفة، ولكن هذا كلفني كثيراً من الوقت والجهد والتضحية بصحتي وراحتي، حتى إنني في بعض الأحيان أغبط كل من أكرمها الله بالبقاء في البيت ولمسؤوليتها الطبيعية.
والمرأة مهما كان مركزها الاجتماعي ومهما بلغ علمها لا تستطيع التخلي عن طبيعتها ولا عن دورها، فغريزتها قد تدفعها إلى السير في طريق المسؤولية والدور الذي خلقت من أجله، إنَّها تبحث عن الاطمئنان، عن الزوج والوالد، وبدون قيامها بدورها الطبيعي كأنثى لا يهدأ لها بال. ثم إلى جانب هذا تكافح من أجل الخروج إلى عمل وتستميت في سبيل التوفيق بين هذا وذاك.. وقد يتيسر لها وجود والدتها أو قريبة لها تقيم معها، وبذلك تستطيع بشيء من تنظيم الوقت التوفيق وتحمل المسئولية دون تأثير على البيت والولد، وقد لا يتيسر لها ذلك فتضطر إلى الخدم أو ترك صغارها لدى الأقارب والجيران. وكم من عاملات يتركن أطفالهن، وترك الأطفال يعرضهم إلى أخطار كثيرة؛ فالجارة التي تلقي إليها جارتها بصغيرها كل يوم قد يكون لها أطفال فيتشاجرون، وهذه عادة الأطفال، ورُبَّما تعرض أحدهم لسوء, فلو حدث هذا ماذا ستفعل من تجعل من صغارها عرضة للخطر تشردهم بسبب عملها خارج بيتها؟!
إنَّها مشكلة ولن تحل حتى تعترف المرأة بواجباتها الطبيعية ودورها الأساسي في المجتمع، وتتراجع المرأة عن تحدياتها ومكابرتها، حتى تعرف وتعترف بأنَّها إذا كانت قد حققت نجاحاً في عملها خارج البيت فقد خابت في تحقيق النجاح داخل بيتها. إذا كانت قد كسبت الجولة في تحدي الرجل ومنافسته وإثبات وجودها بدقتها وحرصها وإخلاصها فقد خسرت ما هو أثمن من هذا كله، خسرت بيتها وأطفالها وإن كانوا على قيد الوجود. إنَّ بيتها الذي لا تعود إليه إلا مرهقة الجسد والأعصاب في حاجة ماسة إلى نشاطها، وأطفالها وزوجها أيضاً في حاجة إلى حيويتها وجهدها في سبيل رعايتهم وتوفيرها الراحة النفسية والجسدية لهم. إنَّهم في حاجة إلى الرعاية الكاملة التي لا تستطيع المرأة العاملة توفيرها ولا تحقيقها لأفراد أسرتها ما دامت خارج بيتها تبذل من وقتها وصحتها.. فلابد أن يكون أحد الواجبين على حساب الآخر. إنَّها بلا شك عرضة للانهيار، وبيتها وأطفالها عرضة للضياع. فماذا تقول المرأة العاملة؟
قد تضيق بما أعترف النساء العاملات، وقد ترى فيه بعضهن خطأ، ولكن ليس هناك من تستطيع إنكار ذلك،أو من تستطيع المراوغة مهما حاولت؟ وقد أستثني بعض العاملات من الوقوع في مثل هذه المشكلة، مشكلة المرأة العاملة، وهن -كما ذكرت- من يعشن في ظروف خاصة تختلف عن الظروف العادية لكل زوجة وربَّة بيت، كمن يتوفر لهن من يعينهن على أمور البيت ورعاية الصغار مثل والدتها أو إحدى القريبات المأمونات، مع قيام المرأة بمسؤوليتها في المتابعة والملاحظة والتوجيه وتؤفير الحنان لأطفالها، بالإضافة إلى قيامها بحق زوجها..أوجب الحقوق عليها بعد حق الله تعالى. فمن علمت من نفسها أنها لا تستطيع الجمع بين ذلك وبين عملها فلا شك في أن بيتها وأسرتها أحق بها.